الجمعة، 26 ديسمبر 2014

البدل

تعريف البدل : اسم تابع لاسم قبله (المبدل منه) بلا وساطة مقصود بالحكم ويكون المتبوع (المبدل منه)تمهيدا و توطئة له .
فائدته : باجتماع التابع (البدل) و المتبوع (المبدل منه)يزداد المعنى وضوحا مثل : الإمامُ مالكٌ فقيه المدينة ، فالمقصود بالحكم هو(مالك) وهو بدل ، و كلمة (الإمام) جاءت تمهيدا و توطئة للمقصود وهي مبدل منه ، ونلاحظ أنه إذا حذف المبدل منه فلن يصيب المعنى تغييرا فنقول : مالكٌ فقيه المدينة ، و إنما في اجتماعهما يزداد المعنى إيضاحا .
أنواعه : للبدل أربعة أنواع :
1-البدل المطابق :أو بدل( كل من كل) وفيه يتطابق البدل والمبدل منه في المعنى أي أن كليهما يطلق على ذات واحدة وذلك كما في المثال السابق ،فنلاحظ أن(مالك)هو ذات (الإمام) فهما متطابقان في المعنى وشاهد ذلك في كتاب الله قوله تعالى :
- "اهدنا الصراطَ المستقيم* صراطَ الذين أنعمت عليهم " . الفاتحة 6-7
- "قالوا آمنا بربِّ العالمين* ربِّ موسى وهارون " . الشعراء 47-48
- "و أنه خلق الزوجين الذكرَ و الأنثى " . النجم 45
نلاحظ في الشواهد السابقة أن البدل والمبدل منه متطابقان في المعنى فـ (صراط الذين أنعمت عليهم) مطابق في معناه لـ (الصراط المستقيم) ، و(رب موسى) مطابق في معناه لـ (رب العالمين) ،وكذلك فإن ( الذكر والأنثى ) مطابقان في معناهما معا لـ (الزوجين) وهما تفصيل للمبدل منه ،ولذلك فإن( بدل التفصيل) نوع من بدل (كل من كل).
2- -بدل البعض من الكل :وهو ما كان فيه المتبوع (المبدل منه) كلا قابلا للتجزئة وكان التابع (البدل) جزءا منه وذلك من مثل قولنا :مضى العام نصفُه ، فسنجد أن الذي مضى هو( نصف) العام وهو جزء من المتبوع (العام)ولذلك فإن كلمة (نصفه) بدل بعض من كل،ولا بد في هذا النوع من البدل أن يتصل البدل بضمير رابط يعود على المبدل منه ،و لذلك اتصلت كلمة (نصف) بالهاء التي تعود على كلمة (العام) ، ويأتي الضمير الرابط بارزا متصلا بالبدل كما في المثال السابق أو بارزا متصلا بحرف جر ،و وقد يأتي مستترا مقدرا كما سنرى في الشواهد القرآنية التالية :
قال تعالى :
- " يأيها المزمل * قم الليلَ إلا قليلا * نصفَه أو انقص منه قليلا " . المزمل 1-3
- " وارزق أهلَه من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر " . البقرة 126
- " ولله على الناسِ حج البيت من استطاع إليه سبيلا " . آل عمران 97
نلاحظ هنا أنه في الشاهد الأول الأمر بقيام نصف الليل فكلمة( نصفه) جاءت بدل بعض من كل من (الليل) و الضمير الرابط جاء بارزا متصلا بالبدل، أما في الشاهد الثاني فالمقصود بالحكم( من) آمن من( أهله) وهم بعض أهله لذلك فكلمة (من)بدل بعض من كل و الضمير الرابط هنا جاء بارزا متصلا بحرف جر وهو الهاء في (منهم)
وفي الشاهد الثالث نجد أن الحج فرض على من استطاع وهم بعض الناس ،فكلمة(من) بدل بعض من كل ، والضمير الرابط هنا هو الضمير المستتر المقدر أي (من استطاع إليه منهم) .
3-بدل الاشتمال : وهو ما كان فيه التابع (البدل) معنى متصل بالمتبوع (المبدل منه) أو يشمله المتبوع وليس جزءا منه وذلك من مثل قولنا : (أعجبني الحاكمُ عدلُه ) فالعدل هنا هو المقصود بالحكم وهو الإعجاب ولكنه معنى متصل بـ (الحاكم) وهو المبدل منه فمدلول الحاكم يتسع ليشمل العدل وغيره من الصفات ، ولذلك يسمى هذا النوع (بدل الاشتمال) ،و بدل الاشتمال مثل بدل (البعض من الكل) في اشتراط اتصال البدل بضمير رابط بارز أو مستتر يعود على المبدل منه كما في المثال السابق فالبدل (عدله) الضمير الرابط فيها( الهاء) التي تعود على المبدل منه (الحاكم).
وشاهد ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى :
- " يسألونك عن الشهرِ الحرام قتالٍ فيه " . البقرة 217
- "قتل أصحاب الأخدودِ النارِ ذات الوقود" . البروج 4-5
نلاحظ في الشاهد الأول أن القتال و هو المقصود بسؤالهم ليس بعضا من (الشهر الحرام) و لكنه معنى متصل به ، و دلالة الشهر الحرام تتسع لتشمل هذا المعنى وغيره من المعاني المتصلة بالحرمة والمناسك وغيرها ، لذلك فكلمة (قتال) هنا بدل اشتمال ، والضمير الرابط هنا بارز متصل بحرف الجر بعده وهو الهاء في (فيه) ،
وفي الشاهد الثاني نجد أن كلمة (النار) بدل اشتمال من كلمة (الأخدود) لأنها ليست جزءا منه وإنما مما يشتمل عليه ، والضمير الرابط هنا مستتر مقدر أي : النار فيه .
4- بدل المباينة : وهو ما كان فيه التابع( البدل) مخالفا أو مباينا للمتبوع ( المبدل منه) وهو على ثلاثة أنواع : بدل الإضراب ، و بدل الغلط ، وبدل النسيان ، وذلك من مثل قول الشاعر :
تحسس ليث الغاب يبغي فريسة*** فجرجر في ظلمائه حية حبلاً
يصف الشاعر في البيت السابق الليث وهو يتحسس في الغاب ليصطاد فريسة ،و إذا هو يجرجر حية(المبدل منه) (حبلا )البدل ، وهنا نجد أن الحبل مخالف ومباين للحية ؛ لذلك سمي بدل المباينة ، ويبقى أن نحدد أي نوع من أنواع بدل المباينة الثلاثة ، والذي يحدد نوع بدل المباينة هو مراد المتكلم وهو الشاعر هنا ،- فإذا كان الشاعر يريد أن الليث قد جرجر (حية) ثم بدا له أن يضيف جديدا فيكون قد جرجر (حبلا) أيضا فيكون قد قصد الأمرين معا يكون هذا (بدل الإضراب) ، و إذا كان الشاعر قد قصد الثاني(حبلا) فأخطأ في ذكر الأول(حية) سمي (بدل الغلط) ، وإذا قصد الثاني(حبلا) فنسي فذكر الأول(حية) ثم تذكر ما يريد فغاد لذكره سمي (بدل النسيان) .
أحكامه :
أ*- البدل يتبع المبدل منه في الإعراب رفعا و نصبا و جرا .
ب*- في البدل المطابق يجب الإتباع في العدد (الإفراد و التثنية و الجمع) والتذكير و التأنيث ما لم يمنع مانع كالتفصيل كقوله تعالى : " فجعل منه الزوجين الذكرَ و الأنثى" فنلاحظ أن المبدل منه (الزوجين) جاء مثنى و جاء البدل (الذكر) مفردا لأجل التفصيل و هو بدل(كل من كل) ، ولا يشترط ذلك في سائر أنواع البدل ،ولا يشترط في البدل بأنواعه الأربعة الاتفاق مع المبدل منه في التعريف والتنكير .
و مثال ذلك في القرآن قوله تعالى :
- " وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين" . البقرة 184 (بدل نكرة من نكرة)
ونلاحظ أن البدل (طعام)تبع المبدل منه (فدية) في الرفع .
- " اهدنا الصراطَ المستقيم * صراطَ الذين أنعمت عليهم " . الفاتحة 6-7 (بدل معرفة من معرفة)
و نلاحظ أن البدل (صراط) المبدل منه (الصراط) في النصب .
- "كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصيةِ * ناصيةٍ كاذبة خاطئة" . العلق 15-16 (بدل نكرة من معرفة)
و نلاحظ أن البدل (ناصية) تبع المبدل منه (الناصية) في الجر .
- " وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم *صراطِ الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض" . الشورى 52-53 (بدل معرفة من نكرة)
نلاحظ أن البدل (صراط) الثانية تبع المبدل منه (صراط ) الأولى في الجر أيضا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق