الأربعاء، 14 يناير 2015

حروف الجر.


وعدد حروف الجر عشرون حرفًا جَمَعَهَا ابن مالك في قوله:
هَاكَ حُرُوفَ الجَرِّ وَهْيَ مِنْ إِلَى حَتَّى خَلَا حَاشَا عَدَا فِي عَنْ عَلَى
مُذْ مُنْذُ رُبَّ اللَّامُ كَيْ وَاوٌ وَتَا وَالْكَافُ وَالْبَا وَلَعَلَّ وَمَتَى
ملحوظة:
1- لم يذكر ابن هشام من حروف الجر (خلا، حاشا، عدا) لأنه ذكرها في باب الاستثناء.
2- لم يذكر (لعل، ومتى، وكي، ولولا) لأنها شاذة.
* فلعل لا يجر بها إلا (عقيل).
* كي: لا يُجَر بها إلا (ما) الاستفهامية، مثل: كيمه،وهي تعني السؤال عن علة الشيء والمعنى لمه، فكي –هنا- حرف جر بمعنى اللام، و(ما) في (كيمه) حرف استفهام حذفت ألفه؛ لأنه مجرور؛ لأن (ما) إذا خرجت في الاستفهام وسبقت بحرف جر حذفت ألفها،والهاء: للسكت.
قال ابن مالك:
وَمَا فِي الِاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ أَلِفُهَا وَأَوْلِهَا الهَا إِنْ تَقِفْ
* وأما (لولا) فلا يجرُّ بها إلا الضمير في قولهم: لولاي، لولاك، لولاه، وهو نادر، وأنكر المبرد استعماله، وهو محجوج بالشعر.
قال ابن مالك في (الكافية):
وَنَحْوُ يَا لَوْلَايَ مَجْرُورٌ لَدَى عَمْرٍو وَرَفْعُهُ سَعِيدٌ أَيَّدَا
وَأَنْكَرَ اسْتِعْمَالَهُ المُبَرِّدُ وَلِلْمُجِيزِ حُجَجٌ لَا تُجْحَدُ
وقوله: (سعيد) أي: الأخفش، يرى أن الياء في (لولاي) في محل رفع، خلافًا لعمرو، أي سيبويه، فإنه يرى أنه في محل جر.
أقسام حروف الجر
أولًا: باعتبار ما وضعت عليه:
تنقسم حروف الجر باعتبار ما وضعت عليه إلى:
1- أحادية: -وهي ما وضعت على حرف واحد – وهي: الباء، والتاء، والكاف، واللام، والواو، نحو: كتبت بقلمك، وتالله لأذاكرن، العلم كالنور، وحمزة كالأسد، وللعلم أهله، وربِّ الكعبة لأجتهدن.
2- ثنائية: -وهي ما وضعت على حرفين- وهي: (من، عن، في، مذ) تقول: خرجت من العمل في المساء، وما تخلفت عن العمل مذ يومين.
3- ثلاثية: -وهي ما وضعت على ثلاثة أحرف- وهي: (إلى، على، مذ).
4- رباعية: -وهي ما وُضعت على أربعة- وهي (حتى) نحو: مُنَى ذَاكَرَتْ حَتَّى الصباحِ.
ثانيًا: باعتبار ما تدخل عليه:
وتنقسم حروف الجر باعتبار ما تدخل عليه إلى قسمين:
1- مشترك: أي يجر الاسم الظاهر، والضمير، والنكرة، والمعرفة، وهو: إلى، على، من، اللام، الباء للقسم وغيره.
2- مختص: وهو ما يختص بالظاهر، فلا يجر الضمير، وهو (رب، ومذ، منذ، والكاف، وحتى، وواو القسم، وتاء القسم) ومن هذه الأحرف ما له دخول خاص:
- منها: ما لا يجر من الظاهر إلا الزمان، وهي: مذ، منذ، تقول: ما رأيته مذ عامين، ومنذ عامين.
- ومنها: ما يختص بالقسم، وهو: الواو، والتاء. تقول: والله لأسا فرن، تالله لأذاكرن.
- ومنها: ما يختص بالنكرات، وهو: رُبَّ، نحو: رُبَّ رجل شجاع قابلت.
- ومنها: ما يجر كل ظاهر، وهو: الكاف، وحتى.
معاني حروف الجر:
* مِنْ:
وتفيد معاني:
· التوكيد: وتفيده حين تكون زائدة، أي مسبوقة بنفي أو استفهام، نحو قوله تعالى: { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3]، وقوله تعالى: { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ} [الأنبياء: 2].
· الظرفية: وتفيده حين تدخل على ظرف زمان، أو مكان، يقول الله تعالى: { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}[الجمعة: 9]، وقوله تعالى: { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} [فاطر: 40].
· البدل: نحو قوله تعالى: { أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38].
· ابتداء الغاية المكانية: نحو قول الله تعالى: { مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] وخرجتُ من مكة إلى المدينة.
والزمانية: مثل: سافرتُ من الجمعة إلى الجمعة، وقوله تعالى: { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108].
· التبعيض: مثل: أنفقت من مالي، ونحو قول الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا} [البقرة: 8].
· بيان الجنس: قال تعالى: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 15]، وكقوله تعالى: { مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: 31].
* إلى:
وتفيد:
· انتهاء الزمان: نحو قوله تعالى: { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
· والمكان: نحو قوله تعالى: { سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [هود: 43].
· المصاحبة: نحو قوله تعالى: { رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33].
* عن:
وتفيد:
· المجاوزة، نحو: رميت السهم عن القوس.
· بمعنى (من)، نحوقوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25].
· بمعنى (على)، نحو قوله تعالى: { وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38].
· البدلية، نحو قوله تعالى: { لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48].
* على:
وتفيد:
· الاستعلاء، نحو قوله تعالى: { وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22]، وركبت على الدابة.
· الظرفية، نحو قوله تعالى: { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ}[القصص: 15].
· بمعنى مع، نحو قوله تعالى: { وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ}[البقرة: 177].
· للاستدراك، نحو: نجح على الرغم من كسله.
* في:
وتفيد:
· الظرفية المكانية، نحو قوله تعالى: { وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [الأعراف: 24].
والزمانية، نحو: (السير في الليل ممتع).
· بمعنى على، نحو قوله تعالى: { وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71].
* رُبَّ:
وتفيد:
· التكثير، نحو قوله r : «رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة».
· التقليل، نحو: رُبَّ ضَارَّة نَافعةٌ.
رُبَّ
حرف جر يفيد التقليل، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
ضارة
مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة لحرف الجر.
نافعة
خبر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
* وقد تحذف (رُبَّ) وتكون الواو بدلًا منها، وتسمى (واو رُبّ) وذلك نحو قول الشاعر:
وَلَيْلٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ
والتقدير: ورُبَّ ليل.
قال ابن مالك:
وَحُذِفَتْ رُبَّ فَجَرَّتْ بَعْدَ بَلْ وَالْفَا، وَبَعْدَ الْوَاوِ شَاعَ ذَا الْعَمَلْ
* الكاف:
وتفيد:
· التشبيه، نحو: زيد كالأسد.
· التعليل، نحو قوله تعالى: { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}[البقرة: 198] أي: لهدايتكم.
· التأكيد، وتكون زائدة نحو قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أي: ليس مثله شيء.
* اللام:
وتفيد المعاني الآتية:
· معنى (في)، كقوله تعالى: { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47].
· معنى (بعد)، نحو قوله تعالى: { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78].
· الملكية، نحو قوله تعالى: { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [لقمان: 26].
· شبه الملك، للحجرة باب ونافذة، السرج للحصان، الغمد للسيف.
· التعليل، نحو قوله تعالى: { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات: 7].
· التعدي، نجو قوله تعالى: { فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 16].
· الانتهاء، نحو قوله تعالى: { كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [فاطر: 13].
* حتى:
وتفيد:
· الانتهاء، نحو قوله تعالى: { سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5].
* مذ، منذ:
وتفيد:
· الزمن: ما رأيته مذ، أو منذ يوم الجمعة.
* الواو والتاء:
وتفيدان:
· القسم، نحو قوله تعالى: { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[ الفجر:2،1]، وقوله تعالى: { وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57].
* الباء:
وتأتي للمعاني الآتية:
· الاستعانة، نحو: كتبت بالقلم.
· الإلصاق، نحو: خرجت بزيد.
· الظرفية، نحو قوله تعالى: { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123].
فوائد:
الأولى: تنقسم الحروف عمومًا باعتبار أسمائها إلى:
1- حروف عاملة، مثل: إن، ليت، لعل، لن،...
2- حروف غير عامله، مثل: سوف، بلى، نعم...
الثانية: تنقسم من حيث استعمالها بوصفها حروفًا فقط، أو حروفًا وأسماءً، أو حروفًا وأفعالًا، إلى ثلاثة أقسام:
1- ما لا يستعمل إلا حروفًا، مثل: أم، أن، لعل، لن، لم، قد...إلخ.
2- ما يستعمل حروفًا وأسماء، مثل: مذ، منذ، ...
3- ما يستعمل حروفًا وأفعالًا، مثل: حاشا، خلا، عدا.
الثالثة: تنقسم الحروف باعتبار معناها إلى أقسام كثيرة منها:
1- حروف استقبال، وهي: إن، أن، السين، سوف، لن، هل.
2- حروف شرط، وهي: إن، إذ ما، لولا، لو ما، لو.
3- حروف استفهام: هل، الهمزة.
4- حروف تحضيض، وهي: ألا، ألَّا، لو ما، هلا، لولا.
5- حروف تنبيه، وهي: أما، ألا، ها، يا.
6- حروف الجر، وهي: من، إلى، عن، على... سبق الحديث عنها.
7- حروف التوكيد، مثل: إن، أن، قد، لام الابتداء، النون.
8- حروف الجواب، وهي: أجل، إي، بلى، جلل، جير، لا، نعم.
9- حروف المصدر: إن، كي، ما، لو.
10- حروف النفي، وهي: إن، لم، لما، لن، لا، ما.
11- حروف الزيادة، وهي: الباء، واللام، من، لا، ما، إن، أن.
12- حروف المفاجأة، وهي: إذ، إذا.
13- حروف النداء، وهي: يا، أيا، هيا، أي، الهمزة، آ، وا.
14- حروف الاستدراك، وهي: لكن.
15- حروف التأنيث، مثل: تاء التأنيث الساكنة.
16- حروف العطف، مثل: الواو، ثم، الفاء.
الخلاصة:
1- عدد حروف الجر عشرون لم يذكر منها ابن هشام: خلا، حاشا،عدا لذكرها في باب الاستثناء، وكذلك: لعل، متى، كي، لولا؛ لأنها شاذة.
2- تنقسم حروف الجر باعتبار ما وُضِعَتْ عليه إلى أحادية، مثل: اللام والباء، وثنائية مثل: من، وثلاثية مثل: على، ورباعية مثل: حتى.
3- تنقسم باعتبار ما تدخل عليه إلى خاصة بالاسم الظاهر، نحو: رُبّ، ومذ، ومنذ، وما تشترك بين الاسم الظاهر وغيره، نحو: من، إلى.
4- ولكل حرف من حروف الجر معان يفيدها، وقد سبق ذكرها مقترنة بالأمثلة فراجعها.
مقتبس من كتاب "الوسيط في النحو"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق