الاثنين، 12 يناير 2015

التجريد في اللغة العربية


 التجريد في اللغة: قشر الشيء، كقشر اللحاء عن الشجرة حتى تكون مجردة من لحائها، وإزالة ما على الشيء من ثوب ونحوه، وتعريته، وإزالة ما على الجلد من شعر ونحوه.
التجريد في الاصطلاح هنا: أن ينتزع المتكلم الأديب من أمر ما ذي وصف فأكثر أمرا آخر فأكثر مثله في الصفة أو الصفات على سبيل المبالغة.
ويظهر لنا معنى المبالغة حينما نلاحظ أنها قائمة على ادعاء أن الشيء الذي ينتزع منه مثله على سبيل التجريد هو بمثابة الذي يفيض بأمثال ما يستخرج منه دواما.
فمن قال: "لي من فلان صديق حميم"... فكأنما جرد فلانا من كل ظواهره واستخرج منه صديقا حميما.
قال "أبو علي الفارسي" في سبب تسمية هذا النوع بالتجريد:
"إن العرب تعتقد أن في الإنسان معنى كامنا فيه، كأنه حقيقته ومحصوله، فتخرج ذلك المعنى إلى ألفاظها مجردا عن الإنسان، كأنه غيره، وهو هو بعينه، كقولهم:
لئن لقيت فلانا لتلقين به الأسد، ولئن سألته لتسألن منه البحر.
وهو عينه الأسد والبحر، لا أن هناك شيئا منفصلا عنه أو متميزا منه.
...وعلى هذا النمط كون الإنسان يخاطب نفسه حتى كأنه يقاول غيره، كما فعل "الأعشى" في قوله: "ودع هريرة إن الركب مرتحل"...
ويكون التجريد بأساليب من التعبير، منها الأساليب التالية:
الأسلوب الأول: التجريد باستخدام حرف الجر "من" داخلا على المنتزع منه.
أمثلة:
المثال الأول: قولهم: "لي من فلان صديق حميم".
(1/792)
أي: بلغ من الصداقة والمودة الصحيحة مبلغا صح معه أن يستخرج منه صديق آخر مثله في صفاته، فهو منبع أمثاله.
المثال الثاني: قول الله عز وجل في سورة (آل عمران / 3 مصحف/ 89 نزول):
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولائك هم المفلحون}.
أي: ولتكونوا يا أيها الذين آمنوا بمحمد وبما جاء به عن ربه أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
الأسلوب الثاني: التجريد باستخدام "الباء" الجارة داخلة على المنتزع منه.
أمثلة:
المثال الأول: أن تقول: "لئن سألت فلانا لتسألن به البحر، ولئن نظرت إليه لترين به البدر، ولئن سمعت كلامه لتجدن به السحر".
المثال الثاني: قولي صانعا مثلا:
*فتى كنت أرتاب في شأنه * وأحسبه ماكرا فاسقا*
*فلما تقصيت أسراره * رأيت به ورعا صادقا*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق