الثلاثاء، 13 يناير 2015

حسن التعليل.


أن يدعي المتكلم مزخرفا كلامه علة لوصف ما ثابت أو غير ثابت، وهذه العلة التي يدعيها مناسبة للوصف باعتبار لطيف غير حقيقي، والعلة الحقيقية خلاف ما ادعى، وقد يكون ذكر الوصف على سبيل الادعاء الذي لا حقيقة له أيضا.
فالوصف المذكور: إما أن يكون ثابتا أو غير ثابت، والثابت إما أن تكون له علة ظاهرة غير ما يدعي المتكلم، وإما أن لا تكون له علة ظاهرة.
فحسن التعليل يكون بأن يستبعد الأديب صراحة أو ضمنا علة الشيء المعروفة، ويأتي بعلة أدبية طريفة مستملحة تناسب الغرض الذي يقصد إل...يه.
أمثلة:
المثال الأول: قول المتنبي يمدح "هارون بن عبد العزيز":
*لم تحك نائلك السحاب وإنما * حمت به فصبيبها الرحضاء*
أي: لم ترد السحب أن تتشبه بعطائك المتتابع، وإنما هو عرق الحمى التي نزلت بها حسدها من جودك، وعلة السحب إذ تمطر معروفة.
الصبيب: ما ينصب من ماء وغيره.
الرخضاء: العرق الكثير، والعرق إثر الحمى.
ادعى المتنبي أن السحاب قد أمطرت بسبب ما أصابها من الحمى التي نزلت بها إذ حسدت جود ممدوحه. ونفى تعليلا آخر كان يمكن أن يعلل به، وهو أيضا تعليل ادعائي لا حقيقة له، وهو أنها أرادت أن تحاكي وتقلد ممدوحه في الجود.
المثال الثاني: قول أبي تمام:
*لا تنكري عطل الكريم من الغنى * فالسيل حرب للمكان العالي*
عطل الكريم من الغنى: أي: خلو الكريم من الغنى، يقال: عطل يعطل عطلا، إذا خلا.
فعلل فقر الكريم بعلة ادعاها زخرفيا في الكلام دون مستند من الحقيقة. هو أن ذا المكانة الرفيعة لا يكون غنيا، قياسا على أن السيل لا يصل إلى المكان العالي، وعبر عن ذلك بأنه حرب له.
المثال الثالث: قول المتنبي من قصيدة يمدح بها بدر بن عمار:
*ما به قتل أعاديه ولكن * يتقي إخلاف ما ترجوا الذئاب*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق